سويفل، رحلة في التطبيق الذي صعد بسرعة وتهاوى بسرعة ..

مقدمة:

مطلع عام 2017 يلاحظ  ثلاث شبان مصريين يعملون في قطاع التوصيل التشاركي وهم “مصطفى قنديل ومحمود نوح وأحمد صباح” مشكلة تؤرق حافلات النقل العمومي التي ينتشر استخدامها بين المواطنين  بسبب سهولة النقل والزحام في العواصم الكبرى. المشكلة كانت تكمن في ارتفاع سعر النقل وصعوبة الحصول على خدمة التوصيل في أي وقت خلال اليوم. فكر الشبان الثلاثة في ايجاد حل مبتكر يقضي بإنشاء شركة متخصصة في النقل العام التشاركي لتتصدر لاحقا قصة سويفل العناوين العناوين الإخبارية خلال فترة وجيزة.

فما هي فكرة سويفل؟

كحال أوبر وكريم الشركتان المتخصصتان في النقل العام التشاركي في منطقة الشرق الأوسط، ما يميز شركة “سويفل” عن الشركتين سابقتي الذكر وهو أنها مخصصة للنقل بالحافلات فقط. ستجد أن هذا الأمر غريبا بعض الشيء إذا ما قارنته بالمنطقة الخليجية لكن بالنظر إلى باقي البلدان العربية وشمال أفريقيا فإن خيار ركوب الحافلة يعد أمرا ملائما لملايين البشر لاسيما أمام شركة توفر الخدمات بنسبة تقل عن منافسيها قد تتجاوز 80% وفق تصريح للرئيس التنفيذي للشركة مصطفى قنديل في أحد المقابلات التلفزيونية. (1)

استعان قنديل بخبرته في سوق النقل وتطوير الحلول الرقمية لمساعدة فريق العمل على عملية تصميم وتطوير التطبيق، حيث تم إصدار النسخة الأولى من التطبيق خلال قرابة شهر. في البداية كان التركيز على الحافلات السياحية المكيفة بحيث بدأ العمل على أهم المحطات في المدن الكبرى في مصر. نتيجة الطلب العالي للخدمات الشركة، بدأ التوسع لمناطق أخرى في مصر شملت الخدمة جميع أنواع الحافلات وهو ما أدى إلى زيادة أرباح الشركة خلال فترة قصيرة جدًا. 

صعود بسرعة الصاروخ:

أدى تركيز “سويفل” على المعايير العالية من حيث الجودة والأمان والراحة مقارنة بوسائل المواصلات الأخرى إلى انتشار خدمات “سويفل” بشكل سريع وفي وقت قصير. وهذا ما جعل شركات مثل “كريم” للنقل التشاركي تضخ تمويلا بذريا قيمته 500 ألف دولار في التطبيق الناشئ خلال أقل من أربعة أشهر من بدأ خدمات الشركة.

كنتيجة لذلك، ضخت صناديق الاستثمار استثماراتها في الشركة بحيث وصلت مجموع الاستثمارات في نهاية 2019 إلى اثنين وثمانين (82) مليون دولار أمريكي بعد ثلاث جولات تمويلية خلال سنتين. كخطوة أولية للتوسع في الأسواق خارج مصر، تم نقل مقر الشركة الرئيسي لدبي ومن هناك توسعت أعمال الشركة لتشمل أسواق جديدة مثل السعودية، وكينيا، وباكستان، والإمارات، والأردن، ونيجيريا.

على الرغم من الركود الذي عانى منه العالم في جائحة كورونا، كانت “سويفل” تتقدم في النمو السريع وقد وأصبح مجموع تمويلاتها في 2020 إلى أكثر من مئة مليون دولار، بحيث أصبحت من أكثر الشركات تمويلًا في العالم العربي.

الاندماج وبدأ التداول في بورصة ناسداك:

بعد النجاح السريع للشركة ومحاولة التوسع في أسواق أخرى، قررت “سويفل” الاندماج مع “كوينز جامبيت” وهي شركة استحواذ جميع فريق إدارتها مكون من نساء ذوي خبرات استثمارية طويلة. نتيجة لهذا الاندماج، تم طرح أسهم الشركة في الاكتتاب العام في بورصة ناسداك الأمريكية والتي تعتبر من أكبر أسواق البورصة في العالم بسعر عشرة دولارات للسهم الواحد، كان تقييم الشركة في تلك الفترة واحد ونصف مليار دولار وبالتالي أصبحت شركة “سويفل” الشركة العربية الثانية التي وصلت لهذي المرحلة في الأسواق العالمية بعد شركة “أنغامي”.

بعدما أعلنت “سويفل” طرح أسهمها في البورصة بفترة وجيزة، بدأت بحملة صفقات استحواذ بمئات الملاين من الدولارات لشركات في مختلف الأسواق بهدف التوسع في أكبر عدد من الأسواق الممكنة. من أبرز صفقات الاستحواذ هي صفقة استحواذ على شركة “شوتل” الاسبانية التي تعمل في السوق الاسباني والبرازيلي. أيضا، شركة “Door 2 Door” الألمانية وشركة “فيابول” الأرجنتينية. ولا ننسى أيضًا صفقتا الاستحواذ على شركة “فولت لاين” التركية وشركة “زيلو” البريطانية. تهدف الشركة عن طريق حملة الاستحواذ هذي هو الدخول للسوق الأوروبي بأسرع وقت ممكن بما أن أنه سوق كبير وجاذب لشركات النقل التشاركي. (2)

 أرى أن هذا القرار كان متسرع لشركة لم تفرض سيطرتها بعد على الأسواق الآسيوية بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص. ولا ننسى أن الشركة في تلك الفترة لم تكن شركة ربحية وبالتالي فأنها هنا تخاطر بتضاعف تكاليفها التشغيلية والذي سوف يؤدي إلى التأخر للوصول للربحية وارتفاع فاتورة قروض الاستحواذ.

هل كان السقوط متوقعا؟

بدأت عملية التداول للأسهم في مارس 2022 بسعر عشرة دولارات للسهم الواحد مثلما ذكرت الشركة. كان السهم في حالة سقوط تارة وفي حالة صعود تارة أخرى، حيث كان أقصى هبوط لسعر السهم وصل للنصف أي خمس دولارات في أول أربعة أشهر من بداية التداول. مع بداية شهر أغسطس، دخل السهم في حالة سقوط حر حيث وصلت قيمة السهم في شهر سبتمبر لأقل من دولار وأصبحت قيمة الشركة من مليار ونصف في شهر مارس إلى أقل من مئة مليون في شهر سبتمبر. بمعنى أن الشركة خسرت أكثر من 95% من قيمتها خلال تسعة أشهر فقط.

بحسب قوانين بورصة ناسداك، إذا استمرت قيمة السهم ما دون دولار لمدة 30 يوميًا متتالية، سوف يتم شطب الشركة من التداول وهذا ما قامت به إدارة بورصة التداول بأخطار الشركة واعطاءها مهلة تصل لمدة 180 يومًا لكي تقوم بتعديل وضعها وتحسين قيمة السهم.

يعود هبوط الشركة الحاد لعدة أسباب من أهمها أن المستثمرين يعتقدون بأن الشركة مبالغ في تقييمها وقت طرح الشركة للاكتتاب. أيضًا، كانت محاولات التوسع الكبيرة في وقت يعتبر قصير أدى إلى ضخ مبالغ ضخمة على شكل قروض مما أدى لتضاعف خسائر الشركة من خمسين (50) مليون دولار في عام 2021 إلى تسعين (90) مليون دولار وفق ما صرحت به الشركة مؤخرًا في 2022. ولا ننسى أيضًا دخول الشركة لأسواق مختلفة في فترة قصيرة أدت إلى صعوبة في إدارة الشركة واتخاذ القرارات بشكل واضح وصحيح.

محاولات لتعديل الوضع:

صرحت الشركة مؤخرًا أنها تعمل على رفع قيمة سهم الشركة وتجنب الشطب من البورصة عن طريق عدة استراتيجيات أهمها تجميع الأسهم. يستخدم هذا الإجراء لدمج الأسهم بسعر معين بحيث إذا كان عدد الأسهم على سبيل المثال عشرة آلاف تصبح خمسة آلاف مما يؤدي لارتفاع قيمة السهم دون التأثير على القيمة السوقية للشركة نفسها وهذا يعتبر إجراء سريع يمكن للشركة اتخاذه لتجنب الشطب من البورصة.

الطريقة الأخرى الأكثر فاعلية تكمن في التركيز على رفع الأرباح وتقليل الخسائر وتجاهل الاهتمام بالتوسع في الأسواق أخرى مع تخفيض النفقات وتقليل عدد الموظفين التي يمكن أتمّتها. بالفعل هذا ما بدأت الشركة بالعمل عليه، حيث إنها قامت بتسريح حوالي أربع مئة موظف في يونيو هذا العام أي 32% من عدد الموظفين. تلتها موجة تسريح ثانية بنحو 30% من الموظفين في شهر نوفمبر.

واليوم تتوقع الشركة أنها سوف تحقق إرادات ربحية بداية من هذا العام 2023 وصافي أرباح بقيمة ثلاثة عشر مليون دولار بحلول عام 2024. علمًا بأن أسهم الشركة لاتزال في سقوط حر حيث وصلت قيمة الشركة في ديسمبر العام الماضي 2022 قرابة عشرة ملاين دولار. (3)

برأيك هل هناك أسباب أخرى لهبوط سعر سهم الشركة الحاد في فترة تعتبر قصيرة وهل سوف تنجح عمليات رفع قيمة الشركة والوصول للربحية؟

المصادر:

(1): https://bit.ly/3VNAQEN

(2): https://bit.ly/3VS3lB8

(3): https://bloom.bg/3QgkXFC

أقرأ هذه أيضاً

التعليقات

3 2 الاصوات
تقييم المقالة
إشتراك
نبهني
guest

0 التعليقات
التقيمات المضمنة
عرض كل التعليقات